يجب ان يكون لديك ادوات لتساعدك بالبحث، ومن اجل ذلك انشأ فريق "تغريدة"، بمجهودات ذاتية ومن خلال عملي مع الفريق، اننا في علبة كبريت محشور بداخلها عدد كبير من الفنانين، وجميعيهم ينتظر فرصة، ليأتي شخص ما يخرجه من علبة الكبريت ليشعله، هذا ما فعلته بي هذه الرحلة القصيرة الي مصر.
عندما تم تبليغي من قبل اشرف انه هناك فرصة للسفر لتعلم شيء جديد عن المسرح، يمكن ان تساعد في دعم الفريق وهنا تم اخباري انه سيكون هناك تدريب للمسرح الحركي والادائي ومع " ستيف تيلر" و"ريتشل جريفث" صحيح ان تجربة السفر ليس شئ جديد علي وخصوصا انني زرت هولندا و بلجيكا و السويد والنرويج، ولكني كنت متشجع جدا لكون جزء من هذا التدريب.
كانت الخطة الاولية هي السفر الي لندن لتلقي الدورة هناك ولكنها لم تنجح بسبب عدم الحصول علي فيزا، لذلك توجهنا الي خطة بي، وهي السفر الي مصر وتلقي التدريب ضمن جدول مهرجان ( دي كاف ) وسط البلد، وتبدا الدورة من تاريخ ٢١ الي ٢٦ اكتوبر، وثم يستم مشاهدة عروض للرقص المعاصر ومسرح الاداء الحركي ضمن مهرجان (دي كافن) .
وهنا يبدا تنفيذ الخطة، صحيح ان مصر اقرب الي غزة من لندن الا انه كانت رحلة متعبة وشاقة، موزعة بين بوابات حديدية وفحص شخصي وامني ثم انتظار ثم اختام وشراء فيزا وايضا انتظار، ثم باص لينقلك عشرة امتار ثم بوابات من جديد ثم فحص، ثم انتظار من جديد، تخيلي كيلوا متر امامك من البوابات الحديدية. وكأنك تخرج من سجن محكم، كنت افكر وقتها انه هذه ليست رحلة ولكنها مغامرة ومخاطرة، كان يرافقني فيها زملائي اشرف العفيفي ومحمود البلبيسي وعلي الرغم من ذلك عندما وصلنا الي الفندق وبعد ان اخذت دش سخن استلقيت بنفسي علي السرير وقلت انها فرصة عظيمة ان تنجح الخطة بي.
الوصول الي القاهرة كانت البداية فقط، بعد الوصول مباشرة اندمجنا كفريق قادم من غزة يمتلك خبرات في المسرح، مع ستيف وريتشل، ومجموعة من الفنانين المصريين المبتدئين او ذو الخبرة بسيطة، في دورة مكثفة في المسرح الحركي استخدما عدة مدارس مثل جاكوب ، وستانلفسكي ، وغستوا بوال.
استعملت هذه المدارس سابقا خلال ورشات الدراما التي كنت انفذها في غزة قبل القدوم الي مصر، ولكن الجديد بالنسب لي كانت التعرف عليها بعمق اكبر وتعلم تمارين جديدة قد تخدمني في مجالي المسرحي كممثل وكمخرج .
كما ان الحالة الفنية التي كنت اعيشها علي مدار ١٢ يوم في القاهرة والتنقل بين المسارح لمشاهدة عروض في المسرح الحركي، كان لها اثر كبير بداخلي، وخصوصا مسرح خيال الظل، اتذكر انني كنت اقف مدهوشا بعد انتهاء العرض ونزلت الي المسرح لأتفقد الادوات التقنيات المستخدمة في مسرح خيال الظل. تجربة ان تشاهد عروض لفنانين مختلفين عنك بالثقافة والخبرات والتقنيات، عزز بداخلي فكرة اننا في مكان مغلق ومعزول عن باقي بلدان العالم الخارجي، لذلك فكرت بنقل هذه التجربة الي باقي الفريق الذي لم يتح له الفرصة للخروج من غزة.
عندما ذهبنا الي الاهرامات في الجيزة، استوقفني "ابو الهوال" هذا التمثال المنحوت في الصخر لقد استمرت هذه القطعة الفنية الاف السنين لتكون شاهدة علي قوة واصرار الانسان منذ القدم في نقل ثقافته وافكاره واساطيره من خلال اعمال فنية.
لماذا عندما اعود الي غزة لا نتعاون علي صنع عمل فني ينقل ثقافتنا وهمومنا ومشاكلنا لنتشارك بها مع اشخاص خارج صندوق غزة، وخصوصا بعد اكتشافي من خلال حديثي مع الفنانين من دول اخري انهم لا يعرفون شيء عن حياتنا ولا ثقافتنا في فلسطين وعن غزة تحديدا.. حتي بل كاد يعرفون موقعها الجغرافي.
ان تجربة سفري الي مصر غيرت طبيعة فهمي للفنون المقدمة واعطتني دفعة قوية لنقل هذا المعرفة الي اشخاص اخرين.
ومن خلال الايام التي شاركت فيها باجتماعات النقاش والمؤسسات العاملة علي التمويل ومشاركة باقي الفرق الفنية تجاربها ومشاكلها التي كانت تواجها في بلدانها سواء للحصول علي تراخيص او تمويل او التنقل او تنفيذ العروض بداخل دولهم حتى، اتضح لدي مدي تشابه هذه المشكلات مع التي نواجهها في غزة، طبعا مع وجود فروقات حسب شدتها.
نحن في فريق "تغريدة "وانا كممثل ومخرج اعمل بداخل هذا الفريق دائما ما نحاول ان نكون مختلفين عن باقي الفرق في قطاع غزة، ولتكون مختلف عليك ان تقدم اعمالا فنية بطرق واساليب جديدة تواكب التطور المعرفي العالمي بهذه النوع من الفنون، لذلك هذه الرحلة ستكون حجر الاساس للانطلاق للعالم الخارجي.
والتي ستبدأ من خلال نقل كل هذه المعرفة المكتسبة لباقي اعضاء الفريق الموجود في غزة من خلال تدريب مسرحي مكثف. والمحافظة علي انتقال المعلومات والخبرات فيما بيننا.
Murad. N. Almaghari, Gaza – Palestine